.

.

الأربعاء، 19 أغسطس 2015

عيد التجلى

إنجيل عيد التجلى (متى ١٧ : ١ - ٩):

وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا أَخَاهُ وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَل عَال مُنْفَرِدِينَ. وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ. وَإِذَا مُوسَى وَإِيلِيَّا قَدْ ظَهَرَا لَهُمْ يَتَكَلَّمَانِ مَعَهُ. فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقُولُ لِيَسُوعَ: يَارَبُّ، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا! فَإِنْ شِئْتَ نَصْنَعْ هُنَا ثَلاَثَ مَظَالَّ: لَكَ وَاحِدَةٌ، وَلِمُوسَى وَاحِدَةٌ، وَلإِيلِيَّا وَاحِدَةٌ. وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذَا سَحَابَةٌ نَيِّرَةٌ ظَلَّلَتْهُمْ، وَصَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا. وَلَمَّا سَمِعَ التَّلاَمِيذُ سَقَطُوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَخَافُوا جِدًّا. جَاءَ يَسُوعُ وَلَمَسَهُمْ وَقَالَ: قُومُوا، وَلاَ تَخَافُوا. فَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ وَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا إِلاَّ يَسُوعَ وَحْدَهُ. وَفِيمَا هُمْ نَازِلُونَ مِنَ الْجَبَلِ أَوْصَاهُمْ يَسُوعُ قَائِلاً:لاَ تُعْلِمُوا أَحَدًا بِمَا رَأَيْتُمْ حَتَّى يَقُومَ ابْنُ الإِنْسَانِ مِنَ الأَمْوَاتِ.

أيقونة التجلى


عيد التجلى عيد سيدي صغير....فيه المجد....ولكن علاقته بالخلاص غير مباشرة، نشعر أنه عيد مهم لأنه ذُكر في البشائر الثلاثة متى، ومرقس، ولوقا.

الرسول بطرس يصلب منكس الرأس
١) في الإصحاح السابق وعد السيد تلاميذه أن منهم من سوف يرون ابن الإنسان آتياً في ملكوته حينما قال "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مِنَ الْقِيَامِ ههُنَا قَوْمًا لاَ يَذُوقُونَ الْمَوْتَ حَتَّى يَرَوُا ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِهِ" (متى ١٦ : ٢٨). وها هو هنا يريهم عربون المجد الأبدي في الملكوت.

٢) أخذ السيد معه ٣ تلاميذ ليشهدوا على ما حدث، ورقم ٣ كافٍ جداً كشهود بحسب الناموس. والثلاث تلاميذ اختيروا لحكمة، بطرس استشهد بأصعب ميتة مصلوب منكس الرأس، ويعقوب أول الشهداء من الرسل، ويوحنا أول من وقف في وجه الهراطقة. وهو الوحيد الذي تبع المسيح حتى الصليب. وكان الثلاثة دائماً يرافقونه في الأحداث الهامة مثل إقامة ابنة يايرس وفي بستان جثسيماني. فلهم وضع متميز....فأراهم مجده.
إستشهاد القديس يعقوب الرسول

وبطرس لم ينسى ما رآه وسجله في رسالته: "لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ. لأَنَّهُ أَخَذَ مِنَ اللهِ الآبِ كَرَامَةً وَمَجْدًا، إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ صَوْتٌ كَهذَا مِنَ الْمَجْدِ الأَسْنَى: هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي أَنَا سُرِرْتُ بِهِ. وَنَحْنُ سَمِعْنَا هذَا الصَّوْتَ مُقْبِلاً مِنَ السَّمَاءِ، إِذْ كُنَّا مَعَهُ فِي الْجَبَلِ الْمُقَدَّسِ". (٢ بط ١ : ١٦ - ١٨) وهكذا يوحنا: "وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا". (يو ١ : ١٤).

٣) يقول تقليد الكنيسة أن الجبل كان هو جبل تابور. وهو جبل عالٍ يشير للسمو، سمو قدر المسيح الذي سيرونه الآن متجلياً. ولكي نعاين نحن مجد الرب يجب أن ندرب أنفسنا أن نحيا في السماويات (الجبال)، وتكون لنا خلوة هادئة باستمرار نتأمل فيها في الكتاب المقدس، ونرتفع فوق شهوات العالم ورغبات الذات لنحقق وصية بولس الرسول "فَإِنْ كُنْتُمْ قَدْ قُمْتُمْ مَعَ الْمَسِيحِ فَاطْلُبُوا مَا فَوْقُ، حَيْثُ الْمَسِيحُ جَالِسٌ عَنْ يَمِينِ اللهِ. اهْتَمُّوا بِمَا فَوْقُ لاَ بِمَا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّكُمْ قَدْ مُتُّمْ وَحَيَاتُكُمْ مُسْتَتِرَةٌ مَعَ الْمَسِيحِ فِي اللهِ. مَتَى أُظْهِرَ الْمَسِيحُ حَيَاتُنَا، فَحِينَئِذٍ تُظْهَرُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ فِي الْمَجْدِ. فَأَمِيتُوا أَعْضَاءَكُمُ الَّتِي عَلَى الأَرْضِ: الزِّنَا، النَّجَاسَةَ، الْهَوَى، الشَّهْوَةَ الرَّدِيَّةَ، الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ" (كولوسى ٣ : ١ - ٥). وتأملنا في كلمة الله المكتوبة في الكتاب المقدس تكشف لنا عن كلمة الله أي المسيح، وكلما عاشرناه نحيا في السماويات كمن يرتفع فوق جبل.

"أَرْفَعُ عَيْنَيَّ إِلَى الْجِبَالِ، مِنْ حَيْثُ يَأْتِي عَوْنِي. مَعُونَتِي مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، صَانِعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ " (مز ١٢١ : ١ - ٢).
"اهْرُبْ لِحَيَاتِكَ. لاَ تَنْظُرْ إِلَى وَرَائِكَ، وَلاَ تَقِفْ فِي كُلِّ الدَّائِرَةِ. اهْرُبْ إِلَى الْجَبَلِ لِئَلاَّ تَهْلَكَ". (تكوين ١٩ : ١٧).
"فِي جَبَلِ الرَّبِّ يُرَى " (تكوين ٢٢ : ١٤).
"إنِّي أَكُونُ مَعَكَ، وَهذِهِ تَكُونُ لَكَ الْعَلاَمَةُ أَنِّي أَرْسَلْتُكَ: حِينَمَا تُخْرِجُ الشَّعْبَ مِنْ مِصْرَ، تَعْبُدُونَ اللهَ عَلَى هذَا الْجَبَلِ" (خروج ٣ : ١٢).
"أسَاسُهُ فِي الْجِبَالِ الْمُقَدَّسَةِ" (مز ٨٧ : ١).

إذن هناك أربع أشياء مهمة في حياة أولاد الله:

الخلوة    |    الجبل    |    الصلاة    |    التأمل

"مجرد النظر إلى القفر يُميت من النفس الحركات الشهوانية" بالإضافة إلى الهدوء وحفظ الوصية. "بِالرُّجُوعِ وَالسُّكُونِ تَخْلُصُونَ. بِالْهُدُوءِ وَالطُّمَأْنِينَةِ تَكُونُ قُوَّتُكُمْ" (أشعياء ٣٠ : ١٥).

٤) التجلي هو إعلان لمجد المسيح ولاهوته بخروجه عن مستوى الأرض والزمن. فيه أعطى السيد لتلاميذه أن يتذوقوا الحياة الأخروية، معلناً أمجاده الإلهية بالقدر الذي يستطيع التلاميذ أن يحتملوه وهم بعد في الجسد. ومجد الرب الذي ظهر ليس مجداً عادياً. فالشخصيات التي تجمعت في الجبل، روح بدون جسد (موسى النبي)، إيليا (حي في السماء بالجسد)، التلاميذ الثلاثة (بطرس ويعقوب ويوحنا). لا يستطيع أحد يجمع كل هذه الشخصيات إلا إذا كان هو الله نفسه. (كيف يأتي موسى من الجحيم، وإيليا من السماء؟ موضوع يريد سلطان. والعجيب أن موسى وإيليا كانا يتحدثان مع الرب عن خروجه المزمع أن يكون.

٥) السيد حدث تلاميذه عن آلامه وموته، فكان لا بُد له أن يظهر لهم ما سيكون عليه مجده عند ظهوره، وإذ رأوا ما رأوه كان هذا قوة لهم وسنداً على إحتمال الآلام والاضطهادات التي سيواجهونها دون أن يتعثروا فيه. والله دائماً يعزى كل متألم ليحتمل ألمه.

 ٦) التجلي محسوب للإنسان، فنحن سنحصل على جسد ممجد. "الَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَيْءٍ" (فيليبى ٣ : ٢١). "أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ" (١ يوحنا ٣ : ٢).

فى حادثة التجلى:

+ صوت الآب يشهد للابن، "هذَا هُوَ ابْني الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ. لَهُ اسْمَعُوا" (متى ١٧ : ٥).

+ نبدأ المجد المُعد للأبرار " جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا" (متى ١٧ : ٤).

+ أهمية الجبل في حياة أولاد الله، دائمًا أولاد الله يوصفوا بالجبال "أَرْفَعُ عَيْنَيَّ إِلَى الْجِبَالِ، مِنْ حَيْثُ يَأْتِي عَوْنِي. مَعُونَتِي مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، صَانِعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ " (مز ١٢١ : ١ - ٢).

+ القداسة هي التي تجمع بين المجاهدين والمنتصرين، مبدأ روحي مهم (موسى وإيليا كانوا في حكم المنتصرين) والتلاميذ مازالوا يجاهدون.

+++

ياربنا يسوع المسيح.....بشفاعة موسى وإيليا النبيين العظيمين....وبشفاعة بطرس ويعقوب ويوحنا الرسل الأطهار القديسين....إرحمنا وطهرنا وأظهر لنا مجدك يا ملك الملوك ورب الأرباب. تجلى يا رب لشعبك بقوة ومجد ونور عظيم. فرح قلوب عبيدك يا رب بمجدك البهي حتى نقول "جيد يا رب أن نكون ههنا".

+++


أيقونة التجلى من محفوظات أبرشيّة قبرص المارونيّة
أيقونة يونانية للتجلى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق