في مثل هذا اليوم من سنة ٣١ م إستشهد القديس العظيم يوحنا المعمدان بن زكريا الكاهن على يد هيرودس أنتيباس. وذلك لأن يوحنا وبّخه من أجل هيروديا زوجة أخيه فيلبس عندما اتخذها زوجةً له وكان زوجها حياً. فحنقت هيروديا عليه وأرادت أن تقتله ولم تقدر. لأن هيرودس كان يهاب يوحنا عالماً أنه رجل بار وقديس وكان يحفظه. وإذ سمعه فعل كثيراً وسمعه بسرور. وإذ كان يوم موافق لمَّا صنع هيرودس في مولده عشاءً لعظمائه وقواد الألوف ووجوه الجليل دخلت ابنة هيروديا ورقصت. فسرَّت هيرودس والمتكئين معه. فقال الملك لِلصَّبِيَّةِ مهما أردت اُطلبي منى فأعطيك. وأقسم لها أن مهما طلبت منى لأعطينك حتى نصف مملكتى. فخرجت وقالت لأمها ماذا أطلب؟ فقالت رأس يوحنا المعمدان. فدخلت للوقت بسرعة إلى الملك وطلبت قائلة: أريد أن تعطيني حالاً رأس يوحنا المعمدان على طبق. فحزن الملك جداً. ولأجل الأقسام والمتكئين لم يُرد أن يردّها فللوقت أرسل الملك سيافاً وأمر أن يُؤتى برأسه. فمضى وقطع رأسه في السجن وأتى برأسه على طبق وأعطاه للصبية والصبية أعطته لأمها. ولما سمع تلاميذه جاءوا ورفعوا جسده وَوَضَعُوهُ في قبر. أما الرأس المقدس فطار في الجو، وهو يصرخ قائلاً "لا يحل لك أن تأخذ امرأة أخيك".
بركة شفاعته فلتكن معنا آمين.
ما أجمل هذا الخادم العظيم...الذي بالرغم من شهرته وذيوع صيته وسط الشعب الذي أتاه من كل صوب ومن كل طبقة وصاروا له تلاميذ، وبالرغم من المهابة العظيمة التي صارت له حتى من قبل هيرودس الملك نفسه، لم يحيد يوماً عن غاية خدمته وهي إعداد الطريق للملك وتهيئة شعبا مبرراً له. فقد تسلح بسلاح الزهد فقتل شهوة المجد الأرضي، فلم يسقط في الفخ الذي نصبه له الشيطان عندما جاء إليه بعضهم ليقولوا له أن "الذي كان معك - أى السيد المسيح - هو يعمد والجميع يأتون إليه" أى أن السيد المسيح قد سرق منك الأضواء. فأجاب يوحنا قائلاً: "لاَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ مِنَ السَّمَاءِ. أَنْتُمْ أَنْفُسُكُمْ تَشْهَدُونَ لِي أَنِّي قُلْتُ: لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ بَلْ إِنِّي مُرْسَلٌ أَمَامَهُ. وَأَمَّا صَدِيقُ الْعَرِيسِ الَّذِي يَقِفُ وَيَسْمَعُهُ فَيَفْرَحُ فَرَحًا مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْعَرِيسِ. إِذًا فَرَحِي هذَا قَدْ كَمَلَ. يَنْبَغِي أَنَّ ذلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ." (يوحنا ٣ : ٢٧ - ٣٠).
وضوح الهدف والزهد جعلا يوحنا ثابتاً أمام الريح التي جلبها هؤلاء المتكلمين معه، فقال عنه السيد المسيح له المجد: "مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟" (يوحنا ١١ : ٧).
هنيئاً لك أيها الشهيد العظيم بعشرتك مع الملك في ملكوته. صلي من أجلنا لكي يغفر الله لنا ويرحمنا ويتحنن علينا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق